fbpx

القصص الصحفية المستندة إلى الوثائق المُسرَّبة

القصص الصحفية

في الكثير من الحالات قد تتعثر في استكمال تحقيقك الصحفي لصعوبة الحصول على بيانات، لكن التسريبات التي تخرج للعلن من وقت إلى آخر قد تفتح لك الباب للعثور على قصص صحفية مثيرة من خلف الوثائق المسربة للعلن. فمن الأسهل أن تنبش عن القصص الصحفية داخل قواعد البيانات المتاحة من أن تبحث عن بيانات لإثبات فرضية صحفية.

وفي ظل التدفق المتزايد للبيانات يتوجَّب على الصحفي التعامل مع البيانات المتوفرة لديه على أنها فرصة يمكنه من خلالها إظهار الكثير من المعلومات والعلاقات المتشابكة والمتداخلة بينها وتفسير مدلولها وأثرها في القارئ وبخاصة في ظل تدفق البيانات حولنا في كل مكان نذهب إليه، ففي كل ما نقوم به من أعمال بسيطة تتولد تيارات جديدة من البيانات.

يعدُّ وجود البيانات قصة خبرية بحد ذاتها، فعندما تتوفر تسريبات من البيانات عن حالات اختفاء قسري لطلاب الجامعات المصرية على خلفية قضايا سياسية، فهذه التسريبات تعد خبرًا بالتأكيد. لكن الخبر الأكثر أهمية هو ما بداخل هذه التسريبات من أرقام وتحليلات تكشف للقارئ خلفيات القبض على كل شخص منهم والتهم الموجهة إليه والعقوبات التي أقرتها السلطات تجاههم.  لذا فمن الضروري على المحررين تغطيتها والبحث والتدقيق في قواعد البيانات للبحث عن علاقات تشابه أو اختلاف تتماشى مع رغبة القارئ في معرفة التفاصيل المثيرة خلف القصة الصحفية.

من الممكن أن نعتبر تعامل الصحفيين الأستراليين مع التسريبات التي نُشرت حول الآلاف من اللاجئين الذين حاولوا اللجوء إلى أستراليا وتم ترحيلهم إلى جزيرة ناورو نموذجًا لاتباع هذه الطريقة في الحصول على قصص صحفية مدفوعة بالبيانات من التسريبات المتاحة. إذ كشفت الصحافة الأسترالية عن اعتداءات وانتهاكات حدثت في مركز الهجرة في جزيرة ناورو، أكثر من نصفها حدثت مع أطفال. نظرًا إلى اتباع أستراليا سياسة متشددة فيما يتعلق بالهجرة تقضي بإرسال طالبي اللجوء الذين يتم اعتراض قواربهم في البحر إلى مركز تقوم بتمويله في جزيرة ناورو ويضم حوالي 500 شخص، ومركز آخر على جزيرة مانوس في بابوا بغينيا الجديدة.

وكشفت التسريبات عن قيام أستراليا بنقل العائلات والأطفال قسريًّا إلى ناورو منذ سبتمبر/أيلول 2012، بموجب مذكرات تفاهم بين البلدين. وأن أستراليا تغطي جميع تكاليف الاحتجاز على الجزيرة والتعامل مع طالبي اللجوء واللاجئين. وأن الحكومة الأسترالية أنفقت 415 مليون دولار أسترالي (3144 مليون دولار أمريكي) على عمليات ناورو خلال السنة المالية المنتهية في 30 إبريل/نيسان 2015، أي ما يقارب 350 ألف دولار أمريكي عن كل شخص محتجز على الجزيرة ذلك العام وحده.

إن هذا النوع من التحقيقات الصحفية لم يكن ممكنًا من دون  الحصول على تسريبات من البيانات، التي كانت الحكومة تعمل جاهدة على إخفائها، وبخاصة أن قانون حق الحصول على المعلومات في مثل هذه الحالة لن يكون مجديًا على الإطلاق، إذ أنه من الطبيعي إخفاء الحكومة هذه الممارسات غير القانونية.

يمكنك معرفة مزيد من التفاصيل عن هذه التسريبات وكيف عالج الصحفيون الأمر من خلال التقرير الصحفي المنشور بصحيفة الجارديان البريطانية عبر الرابط التالي http://bit.ly/2cGYDUQ

وفي يوليو/ تموز 2016، تضمن تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية تسريبات لآلاف الصور لمعتقلين سوريين قضوا تحت التعذيب في السجون السورية. إذ كشفت التسريبات عن مقتل نحو 17,723 شخصًا أثناء احتجازهم في سوريا منذ اندلاع الأزمة في مارس/آذار، أي بمعدل أكثر من 300 شخص كل شهر. ويوثِّق التقرير، الصادر بعنوان: “إنه يحطِّم إنسانيتك: التعذيب والمرض والموت في سجون سوريا”، جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات الحكومية السورية. استند التقرير إلى  55 ألف صورة لـ11 ألف شخص تم قتلهم بوسائل مختلفة في أفرع المخابرات والثكنات العسكرية. تم تسريب الصور عن طريق المصور المنشق نفسه والذي كان يقوم بتصوير جثث المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب، أو تركوا ليموتوا جوعًا، ويلتقط أربعًا أو خمس صور للجثث بحضور طبيب وممثل للقضاء، ويعطي للضحايا أرقامًا، وفي حال سؤال ذويهم عنهم تزوَّر وثيقة تفيد بوفاة الشخص في المشفى بسبب أزمة قلبية أو قصور تنفسي. وقد التقطت الصور في الفترة من بداية الثورة السورية حتى شهر أغسطس/ آب 2013.

وبالاستناد إلى ما ورد في التقرير من بيانات مسربة، قامت العديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية بنشر تقارير صحفية مدعمة بشهادات لمعتقلين سابقين ناجين. يمكن الاطلاع على التقرير من خلال الرابط التالي https://hrdag.org/wp-content/uploads/2016/08/HRDAG-AI-memo-2.pdf

تعد هذه الطريقة نوعًا ما الطريقة الأسهل لسرد قصص صحفية مدفوعة بالبيانات لكون الصحفي لم يتعثر في الحصول على البيانات، لكنها قد تكون الأصعب في حال عدم امتلاك الصحفي مهارات تحليل البيانات والتي تمكنه من النبش عن العلاقات والتشابكات بين البيانات للخروج بزوايا جديدة لقصص صحفية صالحة للنشر.

مقالات ذات صلة

التعليقات